الخميس، سبتمبر ١٥، ٢٠١١

حكايتى مع القراءة






هذه القصة بحق تأخرت فى سردها كثيرًا. رغم أنها حاضرة فى ذهنى، وﻻ تحتاج إلى تذكر. ومع ذلك أرويها لكل عزيز.
أحمد محمد خلف . أخى
وهى حكايتى مع القرأة. وهنا أود أن أشكر الأخ "بورضا1" الذى سأل سؤال جميل جدًا  "كيف كانت بدايتك مع الكتاب ؟ فى موقع نادى اقرأ  العزيز على والذى نشرت فيه بعض مقاﻻتى عن الكتب.
والقصة تبدأ حينما جئت من المنيا إلى القاهرة للدراة الجامعية. وكانت ظروف المعيشة تقتضى أن أسكن مع أخى أحمد الذى يكبرنى بعامين وسبقنى إلى القاهرة أيضًا بعامين للدراسة فى جامعة اﻷزهر الشريف. وأخى مذ كان صغيرًا يحب القرأة ويقتنى الكت. أما أنا فلم أكن أهوى مثل هذه اﻷشياء. والغرفة التى كانت فاتحة الخير على صغيرة الحجم ﻻ يوجد بها إﻻ سرير صغير ينام عليه أخى وأنا على اﻷرض بين الكتب. نعم بين الكتب. ألم أقل لكم أن أخى يقتنى الكتب. فهى تحت السرير وفوق الرف الوحيد بالحجرة الذى يستعمل كتسريحة. فأصبح مكتبة وبجانب الحائك عواميد الكتب فهى فعلًأ كالعواميد ولكن بغير تنسيق كبير.
عامود كتب 
وهذه الغرفة فى الدور الثالث عشر حيث الهواء الطلق وحسب. وﻻ شئ أخر يمتع غير هذه الخلوة الجبرية. فﻻ تلفزيون وﻻ إنترنت وﻻ كمبيوتر وﻻ مذياع يكسر هذا الصمت الرهيب. فالناس يقولون أعيش بين أربعة حوائط وأنا أعيش بين مئات الكتب. فلم يكن بد من النظر فى هذه الأشياء الموجودة بجانبى بحكم الفراغ ﻻ أكثر. فكان كتاب عاشو فى حياتى لـ أنيس منصور فقرأته فى فترة وجيزة جدًا حتى أن أخى قال لى إنك لم تقرأه. ولمن يعرف أنيس منصضور فهو كاتب شهير يكتب مقالتين يوميًا فى صحيفة اﻷهرام المصرية والشرق اﻷوسط اللندنية، ومؤلف العديد من الكتب أشهرها الذين هبطو من السماء والذين عادو إلى السماء وغيرهم الكثير. وهو على كل حال يمكنك أن تقول أنه لم يؤلف إﻻ عشر كتب موزعة فى عشرات أخرى من الكتب فكثيرًا ما تجد مقاﻻت وفقرات بأكملها موجودة فى عدة كتب، وكتبه ليس فكرية وﻻ قصصية فهى مزيج بين المقالة والقصة لكنك لن تجد معلومات مفيدة كثيرًا ولكنك بكل تأكيد ستستمتع كثيرًا بما تقرأ. ولم أعرف له كتاب قيم ـ بالنسبة لى على اﻷقل ـ إﻻ كتاب فى صالون العقاد فهو يحكى قصة صالون العقاد وما كان يدور فيها ورغم أنه كتاب من النوع القصصى إﻻ أنه كفاه قيمة أنه يتحدث عن أستاذنا العقاد.
وكما يقول المثل الشهير تأتى الرياح بما ﻻ تشتهى السفن فأخى الكريم نوعية كتبه ﻻ تصلح لمبتدئ فى القراءة مثلى. فلم أجد غير هذا الكتاب ـ الغلطة بالنسبة ﻷخى حيث أنه ﻻ يقرأ هذه الكتب الخفيفةـ وديوان شعر لـ محمود درويش فحفظت من قصيدة بطاقة هوية:

سجل
أنا عربي
ورقم بطاقتي خمسون ألف
و أطفالي ثمانية
و تاسعهم سيأتي بعد صيف
فهل تغضب
سجل
أنا عربي
و أعمل مع رفاق الكدح في محجر
و أطفالي ثمانية
أسل لهم رغيف الخبز
و الأثواب و الدفتر
من الصخر
و لا أتوسل الصدقات من بابك
و لا أصغر
أمام بلاط أعتابك
فهل تغضب
سجل
أنا عربي
أنا إسم بلا لقب
صبور في بلاد كل ما فيها
يعيش بفورة الغضب
جذوري
قبل ميلاد الزمان رست
و قبل تفتح الحقب
و قبل السرو و الزيتون
و قبل ترعرع العشب
أبي من أسرة المحراث
لا من سادة نجب
وجدي كان فلاحا
بلا حسب و لا نسب
يعلمني شموخ الشمس قبل قراءة الكتب
و بيتي كوخ ناطور
من الأعواد و القصب
فهل ترضيك منزلتي
أنا إسم بلا لقب
سجل
أنا عربي
و لون الشعر فحمي
و لون العين بني
و ميزاتي
على رأسي عقال فوق كوفية
و كفى صلبة كالصخر
تخمش من يلامسها
و عنواني
أنا من قرية عزلاء منسية
شوارعها بلا أسماء
و كل رجالها في الحقل و المحجر
يحبون الشيوعية
فهل تغضب
إلخ
..................


محمد حسنين هيكل
ولم يكن فى هذه المكتبة العامرة بالكتب إﻻ هذين الكتابين الذين قراتهما. ولكن الله كان فتح الباب. وما فتحه الله ﻻ يغلقه عبد. فسألت أخى العزيز المزيد من الكتب من عينة أنيس منصور أو قصص فلم أجد. ولكنه أرشدنى إلى دار الكتب والوثائق القومية . وهناك غصت بين الكتب فبين طه حسين وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ ومحمد حسين هيكل وعشرات من الكتب والكتاب. فيكفى أنك بين هذا الكم الضخم من الكتب فى المخازن عشرات اﻷﻻف من الكتب على اﻷقل، فكل كتاب يصدر فى مصر تذهب عشر نسخ إلى دار الكتب.  أذكر أنى قرأت يوميات نائب فى اﻷريف وشجرة البؤس وزينب وبعض من اﻷعمال الكاملة لنجيب محفوظ هذا ما أذكره من كتب وأنا اﻵن فى هذه اللحظة أتذكر استمارات طلب الكتب والكمبيوتر الذى كنا نبحث فيه عن أسماء الكتب، واﻷدراج المملوءة بكروت مكتوب بها اسم المؤلف واسم الكتاب ورقمه وتنقلها فى استمارة طلب الكتب، وجد إحدى هذه اﻻستمارت عند أخى بين حاجياته فذكرته بها فتذكر.

أروى هنا قصة لطيفة جدًا حدثت معى. فبعد أن تعودت على قراءة الكتب (الروايات) سألت مرشدى وأخى عن كاتب وكتاب فى السياسة فقال لى اقرأ لـ محمد حسنين هيكل. فذهب إلى دار الكتب وبحثت عن كتب محمد حسين هيكل فوجدت زينب وحياة محمد وغيرها من الكتب فنظرت فىبعض هذه الكتب وخصوصًا زينب. واخبرت أخى ببعض هذه الكتب فتعجب وسال هل هيكل كتب فى هذه الموضوعات؟!
د. محمد حسين هيكل
وذهبت إلى سور اﻷذبكية لشراء كتب فى السياسة لهيكل فسألنى البائع كتب لمحمد حسين هيكل أم لمحمد حسنين هيكل. فأسقط فى يدى. وما الفارق؟! حسين أم حسنين هى المشكلة!!!! وهل يوجد فى هذه الدنيا اسم كهذا حتى يتشابهان. وﻻ تكون المشكلة فى تشابه اﻻسمان ولكن المشكلة فى هذا الحرف. حرف النون. أكان وﻻ بد لهذا البائع أن يسأل قارئ مبتدئ مثلى هذا السؤال؟ زكيف له أن يعرف أنى جديد فى عالم الثقافة؟!
ولما كان طبعى يميل إلى البساطة والمرح فاستسهلت وقلت حسين أخف من حسنين. فعلى بركة الله فليكن محمد حسين هيكل. فاشتريت ولدى وزينب وهكذا خلقت. وذهبت إلى البيت فخوراً بما أحمل من كتب روائية لكاتب سياسى!!!!!
فقال لى أخى هيكل هذا غير هيكل الذى حدثتك عنه. كيف لم تفرق بينهمل؟ قلت له فرقت ولكنى استسهلت اﻷسم فضحك أبى.
وعرفت الفرق هذا وزيرًأ للمعارف ١٩٣٨ و١٩٤٤ وكاتب وأديب  وسياسى بارز فى عهد الملكية. وهذا صحفى بارز فى عهد عبد الناصر والسادات.
وبعدها كانت قصتى مع معرض الكتاب. ولهذه قصة أخرى.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





ليست هناك تعليقات: