الخميس، ديسمبر ٠٦، ٢٠٠٧

مدينة بلا قلب





للقاهرة سحر خادع ، حينما تطأ قدمك أرضها تصبح فى عالم آخر ، هذا ما يعلمه القادمون من خارجها ، القاهرة بالنسبة لمن لم يزرها من قبل كباريس عند من زاروها ، عاصمة النور ـ والظلمة أيضا ـ حينما تنزل من السيارة أو الأتوبيس أو القطار ـ أيهم أرخص بالنسبة لك ـ تعلم فى هذه اللحظة أنك مولود جديد ، عليه تعلم الحبو والنطق من جديد ، عليك أن تعرف أن ما تعلمته خارج القاهرة لا يصلح فى داخلها ، عليك أن تترك ـ بإرادتك أو غصبًا ـ كل ما تعلمته خارجا ، وإلا فأنت لا مكان لك فى هذا العالم .
عليك أن تنسى عدة أشياء وتتذكرها فى نفس الوقت ، لأن فى هذه المدينة لا يوجد تعريف واحد !!!، بل تعريفان الشئ ونقيضه !!!
فعليك أن تنسى شئ اسمه الثقة : أى ان لو أحدًا قال لك كلامًا فلا تصدقه فإنه لن يفى بما قال ووعد ، وعليك أيضا أن تثق فيه وفى كلامه لأنه ليس أمامك خيار آخر .
فى هذه المدينة عليك أن تعلم أنه لا يوجد شئ اسمه صديق ، فهذا الإسم لايوجد إلا فى القصص ، أما فى فى الواقع القاهرى فالكل قاهرك إن لم تنتبه .
فى هذه المدينة ، عليك أن تختصر الطريق وتجيب من الآخر ، وآخر هذه المدينة أن تدفع ، هنا يرفع شعار ( أبجنى تجدنى ) ، وإن لم تجد ما تأبج به فعليك أن تتحمل حتى الموت ، لأن الموت فى هذه المدينة يمكن أن يتأخر عن قبض روحك ما دمت تدفع له !!!
عليك أن تنتبه أيها الوافد من خارج القاهرة ، من نساء القاهرة فإنهن قاهرات كالقاهرة وأشد .

عليك أيها الوافد أن تنتبه من جيبك حتى لو كنت بعيدا عن محطة مصر فالقاهرة كلها محطة مصر .
لا داعى أن تقارن بين ركوب الأتوبيس أو الميكروباص أوالمترو أوالتاكسى ، فأنت لن تصل فى ميعادك ، ونصيحه من
شخص يسكن هذه المدينة أن تمشى بدلاً من الركوب ، وأهو من رياضة ومنه توفير . عليك أن تخرج من مسكنك قبل ميعاد المشوار بيومين أو ثلاثة ، وقد أباح بعض العلماء انه يجوزقصر الصلاة ما دمت داخل القاهرة .
لا تسأل رجل المرور عن مكان عنوان فهو آخر من يسأل عن أى مكان .

عليك أن تعلم أيها الوافد أنك فى مدينة لن تجد لها مثيل فى تدينها وعهرها ، وصدقها ونفاقها ، وعلمها وجهلها ، وعليك أن تتذكر فى النهاية أنه موجود فى مدينة القاهرة .
وقد صدق الشاعر حين وصفها بأنها مدينة بلا قلب
هنا القاهرة................

ليست هناك تعليقات: