الاثنين، أكتوبر ٠٣، ٢٠١١

الأزهر.. وعودة بعد غياب






الإمام الأكبر الدكتور احمد الطيب





عبدالله خلف
يعكف حاليا الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وكبار علماء الأزهر ورموز الفكر والثقافة على صياغة بنود وثيقة أزهرية جديدة حول دول الربيع العربي وما تشهده من ثورات والتطورات التي تشهدها المنطقة، وعلاقة مصر بالعالمين العربي والإسلامي والقارة الإفريقية.
هذا الحضور للأزهر الشريف ليس وليد اليوم ولكن بدايته جاءت بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع  حسني مبارك في ثورة يناير وإصدار وثيقة الأزهر، التي أحدثت ضجة كبيرة ليست على المستوى المحلي وحسب، لكنها أثارت ضجة عالمية، ولقاء مرشحي الرئاسة بالإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، ولقائه بدعاة السلفية من أمثال الداعية محمد حسان ، وآخر هذا الحراك كان مكتب رسالة الأزهر.
الوثيقة الجديدة ارتكزت على عدة محاور أهمها: البعد الفقهي في إحياء علوم الدين وتجديدها طبقا لمذهب أهل السنة والجماعة، والبعد التاريخي لدور الأزهر المجيد في قيادة الحركة الوطنية نحو الحرية والاستقلال، والبعد الحضاري لإحياء مختلف العلوم الطبيعية والآداب والفنون بتنوعاتها الخصبة.
هذه المرتكزات هى التي جمعت القوى السياسية والمثقفين للجلوس حول مائدة الأزهر للخروج بهذه النتائج: دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة, من خلال دستور ترتضيه جميع الطوائف، واعتماد النظام الديمقراطي, الذي هو الصيغة العصرية لتحقيق مبادئ الشوري الإسلامية، والالتزام بمنظومة الحريات الأساسية في الفكر والرأي, مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والمرأة والطفل, واعتبار التعليم والبحث العلمي مسئولية الدولة ودخول مصر عصر المعرفة.
ولم تكتف الوثيقة بالشأن العام فقط بل عرجت على الأزهر تقيم له قيمة ووزن فتقول الوثيقة في البند العاشر والحادي عشر تأييد مشروع استقلال مؤسسة الأزهر, وقيام هيئة كبار العلماء باختيار الإمام الأكبر, والعمل علي تطوير مناهج التعليم الأزهري ليسترد دوره الفكري الأصيل, وتأكيد الدور العالمي للأزهر الشريف في مختلف الأنحاء, والاعتداد بجهوده الرشيدة في التقريب بين المذاهب الإسلامية المختلفة، و اعتبار الأزهر الشريف الجهة المختصة التي يرجع اليها في شئون الإسلام وعلومه وتراثه واجتهادات الفكر الإسلامي, مع عدم مصادرة حق الجميع في ابداء الرأي متي توافرت له الشروط العلمية اللازمة, وبشرط الالتزام بآداب الحوار, واحترام ما توافق عليه علماء الأمة.
هذه النتائج التي خرجت أثارت استياء وتخوفات البعض، لكنها أثارت إعجاب الكثيرين وتأييدهم لها في مصر وخارج مصر، ففى زيارة رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا لمصر مؤخرا أشاد أرودغان بـ "وثيقة الأزهر" مطالبا الإمام الأكبر بترجمة نسخة منها إلي اللغة التركية وإرسالها إلي هيئة الإفتاء والشئون الإسلامية التركية للاستفادة منها، والمنتدى العالمي للوسطية في الأردن يتبنى وثيقة الأزهر، و سلطنة عمان تشيد بـ"وثيقة الأزهر" وتطلب نسخة منها.
وكان قد أعلن 5 من أبرز المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية تأييدهم لوثيقة الأزهر كحل توافقي يضمن الحفاظ على هوية الدولة وتجاوز الخلافات بين هذه القوى حول الدستور الجديد، وحماية الحقوق والحريات، وطب المجلس العسكري وثيقة الأزهر للاستعانة بها في مبادئ الدستور.
مرشحون للرئاسة يتباركون بالأزهر
وفي اقل من شهر واحد طاف عدد من المرشحين للرئاسة برحاب الأزهر الشريف، فطالب المرشح المحتمل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح بعودة دور الأزهر وقال " كلنا خادمون للأزهر، والأزهر، مؤسسة وشيخا، فخر لنا" حسب تعبيره، وأضاف "أدعو لمولانا شيخ الأزهر بالتوفيق، ونضع خدماتنا رهن إشارة الأزهر"
وأشاد حمدين صباحي المرشح المحتمل بدور الأزهر فأشار صباحي عقب لقائه شيخ الأزهر إلى أنه قدم تحية مستحقة للأزهر على الدور الذي يلعبه حاليا، وأضاف أن اللقاء تطرق إلى الدور الذي يلعبه الأزهر باعتباره عتادا في القوى الناعمة في مصر في الدوائر الثلاثة المصرية وهى أمتنا العربية والقارة الأفريقية وعالمنا الإسلامي.
أما  دكتور محمد البرادعي المرشح المحتمل للرئاسة فقال خلال الزيارة: إن الأزهر يمكن أن يكون قوة مصر الرخوة مع الدول الإسلامية واستقلاليته ضرورة، معلنا تأييده لوثيقة الأزهر، ووصفها بأنها وثيقة شاملة جامعة يمكن للقوى الوطنية الاسترشاد بها لوضع الدستور. وطالب بضرورة أن يعود الأزهر منارة للإسلام في مصر والعالم الإسلامي، مؤكدا أهمية استقلال الأزهر، من خلال موارد مالية مستقلة وعودة الأوقاف وهيئة كبار العلماء، وأن تكون دار الإفتاء جزءا منه، وأضاف إن مشاركة الأزهر في العمل السياسي ليست جديدة، فهو يقوم بذلك منذ ثورة ١٩١٩ وما قبل ذلك.
وبالنسبة للدكتور عمرو موسي المرشح المحتمل للرئاسة فقد ذهب لهد مختلف حيث قال أني جئت إلى مشيخة الأزهر للحصول على البركة في هذه الأيام المفترجة ورمضان على الأبواب، موضحا أنه تحدث مع شيخ الأزهر حول تطوير الأزهر والحركة نحو العالم الإسلامي، لافتاً إلى أن الرؤية المستقبلية ضرورية لرسم السياسات الجديدة لمصر.
شخصيات دعوية وعامة في رحاب الأزهر
جائت الزيارات للشخصيات العامة والدعوية دليلًا علي عودة الأزهر حقًا، فكانت زيارة الدكتور محمد بديع مرشد جماعة الإخوان المسلمين دليل علي ذلك، أعقبها زيارة ناجح إبراهيم وكرم زهدي القياديين البارزين بالجماعة الإسلامية، وابرز هذه الزيارات كانت زيارة الداعية السلفي محمد حسان لمشيخة الأزهر للم الشمل بين التيارات الإسلامية ووأد الفتنة الطائفية التي ظهرت بوضوح في أحداث كنيسة القديسين بإمبابة، كما كان محاولة أيضا لتأكيد عمل رموز التيار السلفي وفق منهجية الأزهر الشريف وعقب عودة الدكتور عمر عبد الكافي لمصر ذهب إلي الأزهر وأكد على ضرورة توحد العمل الدعوي لمختلف التيارات الدينية تحت راية الأزهر ، باعتباره قائد الفكر الصحيح للإسلام ، ويمثل رأس العلماء.
وفي لقاء هو الأول من نوعه في تاريخ الأزهر الشريف دعا الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، رموز الدعوة السلفية وعلماء أهل الحديث، للاجتماع تحت قبة الأزهر الشريف، وذلك من أجل لم الشمل وتطوير الحوار الإسلامي الإسلامي، وحضر هذا اللقاء محمد حسان، محمد وحيد بالى، نشأت أحمد، عوض الجزار، جمال المراكبي.
أخر هذه اللقاءات كان أمس السبت الذي حضره مجموعة من المثقفين، وتناول اللقاء كيفية إصلاح الشأن العربى، وتحقيق الديمقراطية، كما تضمن اللقاء مختلف جوانب الشأن العربي اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا وسياسيا، وسبل تحقيق الإصلاح الاجتماعي والعدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان، وحسن توزيع الثروات العربية، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعوب العربية، وحضره الدكتور جابر عصفور، والكاتب جمال الغيطاني، ومنى مكرم عبيد، والدكتور أحمد كمال أبو المجد، والدكتور حسن الشافعي، والدكتور ناجح إبراهيم.
مكتب رسالة الأزهر
حقيقة المنهج الأزهري الأصيل من خلال إعادة تنشيط العقل الأزهري، وتنمية قدراته لقيادة التغيير الآمن للأمة الإسلامية في ضوء أصالة منهج الأزهر، وفي ضوء متطلبات الحاضر، وتحديات المستقبل . بهذه المقدمة بدأ الدكتور أسامة السيد الأزهري تقديم رسالة هذا المكتب الذي يقام تحت رعاية الإمام الكبر الدكتور أحمد الطيب وفضيلة المفتي الدكتور علي جمعة ووزير الأوقاف الدكتور عبد الفضيل القوصي.
ويقوم هذا المكتب على مسارين في العمل، أولهما قريب الثمرة، ويشتمل على ثلاثة إصدرات:
- الإصدار الأول: (سلسلة الأوراق البحثية):
تخاطب سلسلة الأوراق البحثية الصادرة عن (مكتب رسالة الأزهر) فئة العلماء والباحثين والمتخصصين، وتدور سلسلة الأوراق البحثية حول محور أصيل ثابت وهو: (الأزهر و..)، حيث يتناول كل إصدار علاقة الأزهر الشريف بقضية أو فكرة أو، وسوف تصدر الورقة البحثية الأولى تحت عنوان: (الأزهر الشريف وأثره في صياغة الشخصية المصرية)، وتصدر الورقة البحثية الثانية تحت عنوان: (الأزهر الشريف ومشاركته في صناعة الثقافة العالمية).
- الإصدار الثاني: كتاب دوري عنوانه: (رسالة الأزهر):
تقوم سلسلة (رسالة الأزهر) بمخاطبة المفكرين والكتاب والمثقفين والصحفيين، وتدور حول تاريخ الأزهر الشريف
- الإصدار الثالث: سلسلة (النشرة الدعوية):
تقوم (النشرة الدعوية) بمخاطبة الخطباء والدعاة وأئمة المساجد، حيث يقوم (مكتب رسالة الأزهر) بإعداد الخطباء وتأهيلهم، وإمدادهم بالمواد العلمية اللازمة لترشيد خطابهم الدعوي، ووضع كل الإمكانيات المتاحة في خدمتهم.
المسار الثاني يقوم على مشروعين أحدهما هو "تاريخ الأزهر ويومياته من نشأته إلى العصر الحاضر"، والثاني هو "جمهرة أعلام الأزهر الشريف" وهو عبارة عن تراجم الأعلام الأزهريين، من نشأة الأزهر إلى يومنا هذا، بحيث يكون موازيا مثلا لكتاب (الأعلام) للزركلي
وفي اتصال هاتفي بالدكتور أسامة السيد الأزهري ، أشار إلى أن الإمام الكبر مدرك وبعمق لحجم الأزهر الشريف وما تنتظره مصر، وأن الإمام الطيب يعمل بكل ما يملك وعلي كل المستويات ويبشر بعودة الأزهر للقيام بدوره، وأشار الأزهري على أن مكتب رسالة الأزهر يقوم برعاية الطيب مباشرة لإيجاد وجوه ومستويات تخاطب العقل المصري؛ فالمكتب يقوم بتحريك القوافل الدعوية في المحافظات لإعادة المد الأزهري مرة آخري.

ليست هناك تعليقات: