الجمعة، ديسمبر ٢١، ٢٠١٢

لا تحزن على المسك


الحاج حمدي خلف ـ رحمه الله ـ 


بعد ثلاثة أيام رأيته في المنام يبشرني، بعدما كنت مهموما بسبب تقصيري في عدم شراء المسك الأبيض له لكي يكون ضمن أدوات غسله.
وكان عمي طريح الفراش 24 يوما في المستشفى في بلدتنا سمالوط، وذهبت له آخر 15 يوم في المستشفى، وكنت فى القاهرة أثناء مرضه، ولما رأني وكان في حالة شبه غيبوبة دائمة بكى وقال لي لماذا لا تأتي؟
وكنت أذهب له مساء كل يوم أجلس معه ألاطفه.. أطعمه بعض كوب زبادي أو شئ من العصير.. لكنه كان في الغالب يأبى.. كعادة من يرون الموت في الأفق أمامهم.
وكلما رأني بكي.. وينظر لي بعين حائرة.. كمن يبحث عن كلام يقوله.. فلا يجد.. فيبكي!
وكنا نعرف أنها أيام معدودة يعيشها معنى.. فقد كان رحمه الله مريضًا بالكبد.. وحالته متأخرة جدًا.
صباح الخميس ذهبنا به للمستشفى بعد أن عاد يومان للبيت.. فوضعوا له المحاليل.. لكي يرفعوا ضغطه الذي ذهب.. مساء هذا اليوم كان ملك الموت يجلس معنا.. ينظر لنا.. ولا نراه!
جلست معه حتى الصباح.. بعد الفجر قرأت له مجموعة من الأوراد وسورة يس وذكرت الله جهرًا حتى يسمعني ويردد في سره ما أقوله..
قبل أذان الظهر مباشرة خرجت الروح "يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي"
ذهبنا إلى البيت كي نجهزه.. دخلت مع ابن عمتي لكي نغسله.. وكانت أول مرة لي أحضر غسل أحدهم.. 

كنت أخاف من الأموات سابقًا.. أما الآن.. فلا.. كنت أخاف أن ألمس أجسادهم.. أما الآن فلا..
أول جسد لمسته كانت خالتي بعد وفاتها قبلت يدها وهي على السرير.. وكنت خائفا جدا.. أما الآن.. فلا..

لأني وجدت الجسد ينبض بالحياة رغم خروج الروح.. كان جميلا.. وكأن الروح لم تخرج منه بعد.. سبحان الله.
وكنت حزينا لأني لم أحضر المسك الأبيض ضمن أدوات الغسل والكفن الذي اشتريتهم ليلة الوفاة.. ثم خرجنا إلى المسجد لكي نصلي عليه.. وانتابتني حالة من البكاء.. ولا أعرف هل كنت أبكي لفراقه.. أم كنت أبكي لحالي!
وبعد ثلاثة أيام.. جائني في المنام وقال لي "لاتحزن على المسك الأبيض.. فقد وضعوه لي.."
ما أحلاها من بشرى.. ما أرحمك يارب.. ما ألطفك.. سبحانك

ليست هناك تعليقات: