الاثنين، سبتمبر ٢٩، ٢٠٠٨

نهاية النهاية



تتلاحق الأحداث فى مصر ، إنهيار جزء من جبل المقطم على سكان مساكن الدويقة ، الحكم ببراءة صاحب قضية العبارة التى تسبب فى مقتل أكثر من ألف شخص ، إختطاف 11سائحا و9 مصريين ، إحتراق المسرح القومى بالعتبة ، والشئ بالشئ يذكر ، إحتراق مجلس الشورى ... والقائمة طويلة لن تنتهى .
كل هذه الأحداث و أكثر أصابت الكثيرين بالقلق على قدرة الدولة فى التعامل مع الأزمات ، وهذا حق ، فالدولة التى لا تستطيع السيطرة على حريق فى مبنى مجلس الشورى هى دولة فاشلة بكل المقاييس ، الأدهى من الحريق هى التصريحات التى أعقبت الكارثة وقول أحد المسؤليين أن الله لطف لأنه كان من الممكن أن تحترق القاهرة ، يالله ، هل هذى كلام معقول ، ولكن وجود مثل هؤلاء المسؤلين إذا دل إنما يدل على أن هذه الدولة دولة فاشلة ، مثل هذا المسؤل ـ الغير مسؤل ـ الوزير أحمد أبو الغيط الذى تحدث بكل ثقة من نييورك أن المخطوفين تم الإفراج عنهم ، المشكله أنه كان واثقًا من كلامه ، حينما قرأت هذا الخبر على الموجودين عندى فى البيت حمدو الله أن المور عادت إلى مجاريها وأن مصر حماها الله من ويلات مثل هذه العمليات الإجرامية ، لكنى قلت لهم أنا أشك فى كلام أبو الغيط ، قالو لى الرجل قال هذا الكلام فى المؤتمر الصحفى من نييورك مع كونداليزا رايس ، قلت لهم ولو ، صدق كلامى لأن تاريخ الرجل ملئ بالسقطات ، وهو دليل أيضًا على فشل الدولة ، وباقى الأحداث يكفى النظر إليها لكى نقول أن هذه الدولة دولة فاشلة .
يقول البعض لماذا أصاب مصر ـ الدولة ـ هذا الترهل والفساد الذى يجعلها حينما تتحدث تكذب وحينما تسدد تخطئ ، وحينما تمشى تتعثر وإذا أرادت أن تقف وقعت ، وإذا نظرت فإنها لا ترى شئ ... ، لماذا كل هذا الآن ، مالذى يجعل الدولة تخطئ كل مثل هذه الأخطاء ، لماذا تتكالب عليها الأحداث .
الحقيقة أنه ليس الوقت هو السبب ، فلو حدثت مثل هذه الأحداث ـ وقد حدث ـ فى الماضى لما كان تغير شئ ، فالرئيس هو الرئيس والوزراء هم الوزراء ـ مع تغيير الأسماء ـ فهم لا يستطيعون التصرف بدون حكمة الرئيس وتوجيهاته وأوامره ، الدولة لم تتغير مثقال ذره منذ 28 عام ، تتغير الأسماء والمسميات ولكن الدولة هى الدولة ، الآن ليس أسواء من الماضى ، اليوم ليس أسود من أمس ، الحقيقة أن كل الأيام سواد .
الذى فضح النظام ، هو الإعلام المستقل الغير حكومى والتى لا تستطيع الحكومة السيطرة عليه ، الإعلام هو الشئ الوحيد الذى تطور من إعلام حكومى فقط إلى إعلام مستقل له تأثيروجمهور، وحكومى ليس له إلا الحكومة والنظام .
هذه الأحداث تؤدى إلى طريق واحد هو النهاية وليس شئ آخر . .
هذه ليست البداية ولكنها النهاية .
نهاية النهاية .

الأربعاء، سبتمبر ١٠، ٢٠٠٨

إغضب


حينما تضع أحداً بين خيارين إما أن يقتل أو يُقتل فى سبيل لقمة العيش ، أعتقد أنه سيختار إنقاذ حياته وتجنب قتل الأخر قدر الإمكان ، هذا إذا كنت تخاطب شخص عادى عاقل يزن الأمور ويعطى لكل شئ حقه وأولويته ، أما عندنا فى مصر فنحن نختار أن نُقتل ، نُقتل فى كل شئ ، فى المواصلات فى المصالح الحكومية وغير الحكومية ـ الأهم أنها مصرية ـ نحن لا نختار القتل ـ قتل أنفسنا ـ دفاعًا عن النفس نحن نختار القتل لأننا نستحقة ، هذا هو الشئ الوحيد الذى نختاره ، أما ما عدا ذلك فهو فرض علينا ، أنظر لكل ما حولك ستجده يؤدى إلى الثورة التى هى نتيجة الغضب ، ولكننا للأسف لا نغضب ، واقرءا كلمات فاروق جويدة حين يتدث عن الغضب

اغضب فإن الله لم يخلق شعوباً تستكين

اغضب فإن الأرض تـُحنى رأسها للغاضبين

اغضب ستلقىَ الأرض بركاناً ويغدو صوتك الدامي نشيد المُتعبين

اغضب

فالأرض تحزن حين ترتجف النسور

ويحتويها الخوف والحزن الدفين

الأرض تحزن حين يسترخى الرجال

مع النهاية .. عاجزين

اغضب

فإن العار يسكـُنـُنا

ويسرق من عيون الناس .. لون الفرح

يقتـُل في جوانحنا الحنين

ارفض زمان العهر

والمجد المدنس تحت أقدام الطغاة المعتدين

اغضب

فإنك إن ركعت اليوم

سوف تظل تركع بعد آلاف السنين

اغضب

فإن الناس حولك نائمون

وكاذبون

وعاهرون

ومنتشون بسكرة العجز المهين

اغضب

إذا صليت .. أو عانقت كعبتك الشريفة .. مثل كُل المؤمنين

اغضب

فإن الله لا يرضى الهوان لأمةٍ

كانت - وربُ الناسِ- خير العالمين

فالله لم يخلق شعوباً تستكين

اغضب

إذا لاحت أمامك

صورة الكهان يبتسمون

والدنيا خرابٌ والمدى وطنٌ حزين

ابصـُق على الشاشات

إن لاحت أمامك صورة المُتـنطعين

اغضب

إذا لملمت وجهك بين أشلاء الشظايا

وانتزعت الحلم كي يبقى على وجه الرجال الصامدين

اغضب

إذا ارتعدت عيونك

والدماء السود تجرى في مآقي الجائعين

إذا لاحت أمامك أمة مقهورة خرجت من التاريخ

باعت كل شئٍ

كل أرضٍ

كل عِرضٍ

كل دين

ولا تترُك رُفاتك جيفةً سوداء كفنها عويل مُودعِـين

اجعل من الجسد النحيل قذيفة ترتج أركان الضلال

ويُـشرق الحق المبين

اغضب

ولا تُسمع احد

فإنك إن تركت الأرض عارية

يُـضاجعها المقامر .. والمخنث .. والعميل

سترى زمان العُـهر يغتصب الصغار ويـُـفسد الأجيال

جيلا ً.. بعد جيل

وترى النهاية أمة . مغلوبة . مابين ليل البطش . والقهر الطويل

ابصق على وجه الرجال فقد تراخى عزمُهم

واستبدلوا عز الشعوب بوصمة العجز الذليل

كيف استباح الشرُ أرضك ؟

واستباح العُهر عرضك ؟

واستباح الذئبُ قبرك ؟

واستباحك فى الورى

ظلمُ الطـُغاةِ الطامعين ؟؟؟

اغضب

إذا شاهدت كـُهَّان العروبة كل محتال تـَخـفـَّى في نفق

ورأيت عاصمة الرشيد رماد ماضٍ يحترق

وتزاحم الكـُهَّان فى الشاشات تجمعهم سيوف من ورق

اغضب

كـَـكـُـلِّ السَّاخطين

اغضب

فإن مدائن الموتى تـَضجُّ الآن بالأحياء .. ماتوا

عندما سقطت خيول الحـُـلم وانسحقت أمام المعتدين

إذا لاحت أمامك صورة الأطفال في بغداد

ماتوا جائعين

فالأرض لا تنسى صهيل خيولها

حتى ولو غابت سنين

الأرض تـُـنكر كـُـلَّ فرع عاجز

تـُـلقيهِ في صمت تـُـكـفـِّـنـُـه الرياح بلا دموعٍ أو أنين

الأرض تكره كل قلبٍ جاحدٍ

وتحب عـُـشاق الحياة

وكل عزمٍ لا يلين

فالأرض تركع تحت أقدام الشهيد وتنحني

وتـُـقبِّـل الدم الجسور وقد تساقط كالندى

وتسابق الضوءان

ضوء القبر .. في ضوء الجبين

وغداً يكون لنا الخلاص

يكون نصر الله بـُشرى المؤمنين

اغضب

فإن جحافل الشر القديم تـُـطل من خلف السنين

اغضب

ولا تسمع سماسرة الشعوب وباعة الأوهام .. والمتآمركين

اغضب

فإن بداية الأشياء .. أولها الغضب

ونهاية الأشياء .. آخرها الغضب

والأرض أولى بالغضب

سافرت في كل العصور

وما رأيت .. سوى العجب

شاهدت أقدار الشعوب سيوف عارٍ من خشب

ورأيت حربا بالكلام .. وبالأغاني .. والخـُطب

ورأيت من سرق الشعوب .. ومن تواطأ .. من نهب

ورأيت من باع الضمير .. ومن تآمر .. أو هرب

ورأيت كـُهانا بنوا أمجادهم بين العمالة والكذب

ورأيت من جعلوا الخيانة قـُدس أقداسِ العرب

ورأيت تيجان الصفيح تفوق تيجان الذهب

ورأيت نور محمد يخبو أمام أبى لهب

فاغضب فإن الأرض يـُحييها الغضب

اغضب

ولا تُسمع أحد

قالوا بأن الأرض شاخت .. أجدبت

منذ استراح العجز في أحشائها .. نامت ولم تُنجب ولد

قالوا بأن الله خاصمها

وأن رجالها خانوا الأمانة

واستباحوا كل عهد

الأرض تحمل .. فاتركوها الآن غاضبة

ففي أحشائها .. سُخط تجاوز كل حد

تـُخفى آساها عن عيون الناس تـُنكر عجزها

لا تأمنن لسخط بركان خمد لو أجهضوها ألف عامٍ

سوف يولد من ثراها كل يومٍ ألف غد

اغضب

ولا تُسمع أحد

أ سمع أنين الأرض حين تضم في أحشائها عطر الجسد

أ سمع ضميرك حين يطويك الظلام .. وكل شئ في الجوانح قد همد

والنائمون على العروش فحيح طاغوت تجبّر .. واستبد

لم يبق غير الموت

إما أن تموت فداء أرضك

أو تـُباع لأي وغد

مت في ثراها

إن للأوطان سراً ليس يعرفه أحد
فهل تغضب ......