السبت، يونيو ٠٧، ٢٠٠٨

العار



سافر الى لندن عام 1958 لدراسة الدكتوراة فى الاقتصاد على نفقة الحكومة هو ومجموعة من الطلبة المصريين ، واختلفت دراساتهم ، هذا يدرس التعليم وآخر يدرس الإحصاء ...، كانوا جميعا يتفقون على عدة أشياء ، أهمها أنهم كانوا يقبلون بدون وعى "الحكمة" السائدة فى موضوع التنمية الاقتصادية وهى أن هناك جزءًا متقدم من العالم ، وآخر متخلف .
أما الشئ الآخر ـ والمهم ـ المشترك بين هؤلاء الوافدين إلى أوربا من العالم المتخلف ، هو شعورهم بالعار
، نعم شعورهم بالعار ، ولكن هم لا يشعرون بالعار كأفراد ولكن يشعرون بالعار تجاه الأجنبى بشكل عام .
هذه هى مقدمة كتاب التنوير الزائف للدكتور جلال أمين ـ بتصرف فى الصياغة ـ منذ 50 عام ، وقد كان شاب حينما سافر وأدرك بعد ذلك خطأ ما كان يعتقد .
ولكن المشكلة أن أغلب المثقفين فى مصر يشعرون بالعار ، فهم يشعرون بالعار من كل شئ سواء كان يستوجب هذا الشئ الشعور بالعار أولا يستوجب حتى الشعور بالشفقة ، يشعرك المثقفون بأنه لا يوجد لدينا أى مقومات تشعرنا بالفخر ، كأننا خلقنا من لاشئ وهم كل شئ ، كأنهم أولاد حسب ونسب ، ونحن لقطاء وجدنا على باب الدنيا ، فكل ما لدينا يستوجب الشعور بالعار فنحن ليس لدينا ديموقراطية وليس لدينا صناعة ولا تجارة ولا تعليم ولا أخلاق حتى الدين فإنهم يهاجمون الداعين الى التمسك بالدين فضلاً عن مهاجمة الدين نفسه واتهامه بأنه لا يصلح فى عصر المعلومات فى تسيير أمور الناس ، وفى أحسن الحالات يكون الصمت كلما سمع كلمة الدين .
قد يكون مثقفينا محقين فى شعورهم بعد الرضا ـ وليس العار ـ بأغلب حالنا ، ولكن شعورهم بالعار يجعلهم يلجأون الى هناك الى حيث النعيم والخير الوفير ،الى الحق الى الحرية الى الحياة الى الغرب الى أوربا الى أمريكا .
هنا تكمن المشكلة ، مشكلة اللجوء الى الغرب ، فهم يقولون انظر الى الغرب فكل شئ يسير على ما يرام
وكل شئ عندهم صواب ، فلا بد لنا من تقليدهم والمشى ورائهم واقتفاء أثارهم .
المشكلة ليست فى تقليدهم ، هم بالطبع لديهم أشياء جيدة ولكن أن نقلدهم فى كل شئ فهذا هو الخطر ، أن ترمى نفسك فى أحضان جماعة لا تشاركك ثقافتك أو لغتك أو تاريخك وبالطبع لا تشاركنا ديننا ، فهذا بالطبع غير مقبول .
من الممكن أن أخذ ما يتفق مع معتقداتنا وتقاليدنا ، وهذا الكلام لست أول من يقوله ولا آخرهم بالطبع ولكن أن يكون أغلب مثقفينا بهذا الحال ولا نجد إلا قلة لاتحدث تأثيرا فى المجتمع فهذا من الخطورة بمكان .
لنكون منصفين أكثر لا بد أن نفرق بين المثقفين فهم يمين منتشر فى كل وسائل الاعلام ، ويسار متواجد ولكن بشكل أقل ، ووسط شبه منقرض ، واليمين واليسار يتفقون فى مخاصمتهم لتدخل الدين فى الحياة ، واقتصار الدين على العلااقة بين الفرد وربه ولا تتعدا هذا الحد .
خلاصة القول أن البعد عن ثقافتنا الاسلاميه العربيه والاتجاه صوب الثافة الغربية لن يجعلنا فى مصاف الدول المتقدمة ، ولكن العكس ، لا ننكر بعض المحاسن عند الغرب نستغلها أما أن نكون عبيد ثقافتهم ، فهذا ما لايقبله عاقل ، أما عن شعورنا بالعار فنحن بطبيعة الحال حالنا لا يسر حبيب ـ قد يسر عدو ـ ولكن لسنا بهذا السؤ فما زال لدينا بعض خيوط النور التى قد تنهض بالأمة من جديد